-

أزمة سيري: التحديات والآمال المستقبلية

أزمة سيري: التحديات والآمال المستقبلية
(اخر تعديل 2025-05-01 03:19:16 )
بواسطة

تُعتبر شركة أبل من أبرز الشركات العالمية التي تساهم في رسم ملامح المستقبل من خلال منتجاتها المبتكرة، مثل الآي-فون وماك. لكن، على الرغم من نجاحاتها، يبدو أن مساعدها الصوتي “سيري” قد واجهت العديد من التحديات التي أعاقت تحقيق طموحات الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي. وفقًا لتقرير نشره موقع “The Information”، تم الكشف عن وجود فوضى إدارية وتقنية داخل أبل أثرت سلبًا على تطوير سيري. في هذا المقال، سنستعرض أبرز أسباب هذا الفشل، والتحديات التي واجهتها أبل، وما يمكن توقعه في المستقبل.

الفوضى الإدارية: قرارات متضاربة وتغييرات متكررة

التردد في اختيار نموذج الذكاء الاصطناعي

أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في تعثر سيري هو التردد في اختيار النموذج التقني المناسب. في البداية، كانت أبل تخطط لتطوير نموذجين للذكاء الاصطناعي: نموذج صغير يعمل محليًا على الآي-فون “Mini Mouse” ونموذج كبير يعتمد على السحابة “Mighty Mouse”. لكن الإدارة قررت لاحقًا التركيز على نموذج كبير واحد يعمل عبر السحابة، ثم قامت بتغيير هذا القرار عدة مرات. هذا التخبط أثار إحباطًا كبيرًا لدى المهندسين، مما دفع بعضهم إلى مغادرة الشركة.

ثقافة العمل “المسترخية” وغياب الحافز

تحدث العديد من الموظفين السابقين في قسم الذكاء الاصطناعي عن ثقافة عمل وصفوها بأنها “مسترخية”، حيث كان هناك نقص في الحافز لتحمل المخاطر أو التفكير بشكل إبداعي. داخل الشركة، أُطلق على فريق الذكاء الاصطناعي لقب “AImless” أو “بلا هدف”، بينما كان يُشار إلى سيري كـ “كرة النار” التي تُنقل من فريق لآخر دون تحسينات ملموسة. هذا الوضع يعكس غياب رؤية واضحة، وهو ما يُعد أمرًا نادر الحدوث في شركة معروفة بانضباطها مثل أبل.

نزاعات داخلية حول الرواتب والترقيات

لم تقتصر المشكلات على القرارات التقنية، بل امتدت أيضًا إلى نزاعات داخلية تتعلق بالرواتب والترقيات. إذ حصل بعض أعضاء فريق الذكاء الاصطناعي على إجازات طويلة مقارنة بزملائهم، مما ساهم في تدني الروح المعنوية وعمق الفوضى داخل الفريق.

التحديات التقنية: تأخر أبل في سباق الذكاء الاصطناعي

التزام أبل المفرط بالخصوصية

تشتهر أبل بموقفها الصارم تجاه خصوصية المستخدم، وهو ما شكل عائقًا أمام تطوير سيري. بينما تعتمد منافساتها مثل ChatGPT على بيانات ضخمة من الإنترنت، فرضت أبل قيودًا صارمة على استخدام نماذج خارجية، مما جعل نماذجها الداخلية أقل كفاءة. في عام 2023، مُنع المهندسون من دمج نماذج شركات أخرى في المنتجات النهائية، رغم أن نماذج أبل لم تكن بمستوى المنافسين مثل تقنية OpenAI.

عرض WWDC 2024: وهم الإنجاز

في مؤتمر المطورين العالميين WWDC 2024، عرضت أبل ميزات مذهلة لسيري، مثل القدرة على البحث في البريد الإلكتروني لتتبع بيانات الرحلات أو التخطيط للغداء بناءً على الرسائل. ومع ذلك، كشف التقرير أن هذا العرض كان “وهميًا”، إذ لم تكن تلك الميزات تعمل فعليًا على أجهزة الاختبار. هذا الانحراف عن تقاليد أبل، التي كانت تُظهر فقط الميزات الجاهزة، أثار دهشة أعضاء فريق سيري.

مشروع “Link” المتعثر

بدأت أبل مشروعًا باسم “Link” لتطوير أوامر صوتية متقدمة لنظارة أبل، مثل التحكم في التطبيقات أو تصفح الإنترنت باستخدام الصوت. ولكن، تم إلغاء معظم هذه الميزات بسبب عجز فريق سيري عن تحقيقها، مما يعكس محدودية القدرات التقنية الحالية.

ردود الفعل الداخلية: غضب وإحباط

اجتماع روبي ووكر: الاعتراف بالفشل

في مارس 2025، عقد روبي ووكر، المدير التنفيذي لفريق سيري، اجتماعًا مع الفريق أقر فيه بأن الوضع “ليس جيدًا”. وصف ووكر مشاعر الفريق بالغضب والإحباط بسبب تأجيل تحديثات سيري، مشيرًا إلى أن هذا التأخير قد يُحرج الفريق أمام زملائهم وعائلاتهم. هذا الاجتماع عكس مدى الأزمة التي يمر بها المشروع.

قلق كريج فيديريجي

أعرب كريج فيديريجي، رئيس قسم هندسة البرمجيات، عن مخاوفه من أن ميزات سيري لا تعمل كما هو معلن. كما أثيرت مخاوف داخلية من أن إصلاح سيري قد يتطلب نماذج ذكاء اصطناعي أقوى، مما قد يُجهد الأجهزة الحالية لأبل أو يتطلب تقليص الميزات على الأجهزة القديمة.
حلم أشرف الحلقة 7

الأمل في المستقبل: هل يمكن لأبل إنقاذ سيري؟

تغييرات تنظيمية حديثة

في أبريل 2025، قامت أبل بإعادة هيكلة فريق سيري، حيث نقلت الإشراف إلى مايك روكويل بعد إقالة رئيس الذكاء الاصطناعي من المشروع. تهدف هذه الخطوة إلى تسريع تطوير الميزات الجديدة واللحاق بالسباق في مجال الذكاء الاصطناعي.

توجيهات كريج فيديريجي

يحظى فيديريجي بثقة بعض الموظفين لإعادة سيري إلى المسار الصحيح. لقد أصدر تعليمات واضحة للمهندسين ببذل كل ما في وسعهم لتطوير أفضل ميزات الذكاء الاصطناعي، حتى لو تطلب ذلك استخدام نماذج مفتوحة المصدر من شركات أخرى. هذا التحول قد يكون خطوة جريئة لتعويض التأخر.

خطط iOS 19 وما بعدها

تشير التقارير إلى أن أبل تخطط لإطلاق تحديثات كبيرة لسيري في iOS 19، تشمل تحسين الفهم العميق للبيانات الشخصية، التنسيق بين التطبيقات، ووعي بالمحتوى المعروض على الشاشة. كما يُتوقع إطلاق “LLM Siri” في عام 2026، وهو نظام يدمج نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة.

دروس من أزمة سيري

تُظهر أزمة سيري أن حتى الشركات العملاقة مثل أبل يمكن أن تواجه تحديات كبيرة في مواجهة التطورات السريعة في مجالات الذكاء الاصطناعي. الفوضى الإدارية، والتردد التقني، وثقافة العمل غير الفعالة ساهمت في تأخر سيري عن المنافسة. ومع ذلك، فإن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها أبل، مثل إعادة الهيكلة وتغيير القيادة، تُظهر عزمها على استعادة مكانتها.

المصدر:

macrumors